11 Mayıs 2016 Çarşamba

الجني الصغير من ماردين


كان يامكان في قديم الزمان وسالف العصر والآوان كانت هناك مدينة وجدت في أجمل بقاع الأرض حيث يخبئ الغروب الشمس وراء الجبال قبل أن تبدأ طقوس المساء في المدينة بشكل ساحر ..
ماردين المدينة العريقة الملقبة ببلاد مابين النهرين بنيت بشكل فني ساحر ،، حيث تجعل الناظر يخلط بين الشك واليقين هل قام ببناء هذه المدينة إنس أم جان ؟ حتى وإن كان الجواب في الواقع أن الانس من قام ببناء المدينة إلا أنه من اليقين أن للجن لمساته في هذه الأبنية .. فكيف للمنازل أن تبنى بعضها فوق بعض بدأً من قمة الجبل حتى أسفلهِ كثوب عروس تتربع على عرش الجمال وفي عنقها سلسلة من اللؤلؤ .. 
كل حجر في هذه المدينة يحمل سراً ولِكَون هذه الأسرار ثمينة وجدت أربعة أبواب لدخول المدينة تمنع الغرباء من دخولها لكنها لم تمنع الجن من دخول المدينة والعيش فيها .. حيث إتخذ الجن من هذه المدينة ملجأً لهم ..
من سحر هذه المدينة أن لكل خطوة توجد نغمة وكأن الأرض رُصفت بآلآت موسيقية بدلاً من الحجارة .. الأزقة هنا ليس لها نهاية كما أنها لا تملك بداية ! كل شيء ساحر وجذاب ، هنا تفترق الروح عن الجسد ، تتلاشى الحواس ويفقد الزائر لهذه المدينة نفسه ..
لا يدري عن ماذا يبحث .. ضائع تائه ،، هل جاء ليبحث عن قبر له ؟! أم جاء ليفقد نفسه بين زحام الآلحان الصادرة من حركة خطواته .. يشعر بالضياع ,الأزقة تملئها العبارات المظلمة .. ياللهول!! حتى العبارات لها أوتاراً تجذبه ُ إليها بالرغم من خوفه ومن ظلمتها ،، تجذبه وهي تخبره أن في نهايتها هناك ضوء .. ولكن كيف سيجد الضوء في النهاية التي لا وجود لها ؟ ..
لا يمكن أن تبنى مدينة كهذه من قبل البشر .. الآن أصبح يوقن بأن الجن هم من وضع أحجار المدينة حجراً حجراً ..
في القمة توجد قلعة .. هي للناظر قلعة لكنها في الواقع سلسلة من اللؤلؤ الخالص .. في أسفل القلعة يوجد عدد من الآبار التي من جوفها تتوزع المياه لكل حي من أحياء المدينة عبر نافورات صغيرة حيث يوجد واحد وثمانون نافورة منتشرة في المدينة .. ياللروعة !! عمل متقن بطريقة عجيبة .. لا عجب أن يُنظر لهذه النافورات بطريقة غريبة حيث لا يوجد في أي بقعة من بقاع الأرض نافورات من عمل الجن إلا هنا في أزقة السحر والجمال في شوارع مدينة الإنس والجان ماردين ..
للجن هنا صفات متناقضة حيث يعملون على تقديم المساعدة للبشر وفي الوقت ذاته ينفرون البشر منهم ويقومون بتخويفهم .. في يوم من الأيام تفاجئ أحد صغار الجن من مساعدة أهله للجنس البشر .. فأتخذ قرار الخروج للإستكشاف والبحث في عالم البشر ،،
أثناء عملية إستكشافه شاهد مجموعة من الناس يتبادلون الحديث جوار أحد النافورات .. توقف لبرهة يبحث عن طريقة تساعده للتعمق أكثر في العالم الأخر وفي تلك اللحظة أثناء تفكيرهِ, أحد الأشخاص المتواجدين أمامه نهض فجأةً وأسرع راكضاً نحو أحد العبارات المظلمة .. تتبعه الجني الصغير وقد نهشه الفضول حول سبب إرتباك الرجل وركضهِ بهذه السرعة .
دلف الرجل الى اأحد المنازل وخلفه الجني الصغير .. كان هنالك طفل مستلقي على الأرض وصوت بكائه يتردد في أرجاء المنزل بشكل مزعج ،، وبالرغم من محاولة الرجل وزوجته على تهدئته إلا أنه إستمر بالبكاء ،، قرر الجني الصغير مد يد العون لإسكات الطفل وتهدئته فتلبس بأحد القطط المتجولة في فناء المنزل وذهب للترفيه على الطفل الباكي وإيقاف بكائه المحزن ،، توقف الطفل عن البكاء وبدأت الإبتسامة تتخلل تعابير وجهه .. هنا إغتنم الأب الفرصة وقام بحمل الطفل الى أسرهِ ،، كرسي ذو عجلات متحركة تساعد الطفل على الحركة من ركن الى آخر .. طفل يبلغ من العمر ما يقارب الثالة عشر عاماً يعاني من إعاقة في تحريك أقدامه ،، تأثر الجني الصغير عند رؤيته لهذا المنظر فقرر أن يصبح صديقاً لهذا الطفل وأن يأتي لزيارته غداً وبين الحين والآخر ..
عاد الجني الصغير الى عالمه .. مرت الثواني والدقائق والساعات ولم يفارق الطفل خيال الجني .. أشرقت صباح اليوم التالي بذات المنظر الآسر لشروقها اليومي ،، أسرع الجني الصغير لزيارة صديق الأمس ولكن عند وصوله لذلك المنزل فوجئ بعدم وجود الطفل ،، قام بالبحث عنه في غرف المنزل لكنه لم يجده ،، واصل البحث حتى وجده على سطح المنزل يجلس وحيداً لكنه يبدو سعيداً .. إقترب منه فإذا بالطفل يحدث نفسه قائلاً " ما أجمل الشعور بنسمات الربيع تداعبني ،، للربيع اليوم شكل مختلف ،، ألوانه تيارات هوائه التي تهب في الأرجاء وكذلك رحيق الأزهار المنتشر ،، أزهار الربيع .. "
تعجب الجني الصغير من حال الطفل فبالرغم من أنه لا يستطيع الحركة من تلقاء نفسه ولا يزال أسيراً لهذا الكرسي .. لكنه سعيد !!
كان الطفل يتأمل أطفال حيهِ أثناء تطيرهم للطائرات الورقية ذات الألوان الزاهية والأشكال المختلفة ،، وعلى الرغم من عدم مقدرته على القيام بما يفعلونه إلا أنه كأن سعيداً بقَدرهم ..
لم يستطع الجني الصغير تحمل منظر الطفل العجيب .. إتجه نحو الطفل سائلاً إياه " كيف لك أن تكون سعيداً ؟! "
أجابه الطفل بثبات " أنا هنا في هذا المكان وهذه اللحظة .. وحيداً لا يحوطني شيء ،، لا أبنيةً ولا بشراً ،، أستطيع الشعور بحركة الرياح وهي تتداعبني ووتتخلل بين خصلات شعري ،، هكذا ومع مرور الوقت أستطعت أن أكون تواصلاً بيني وبين الريح ،، بمعنى أدق أصبح الريح صديقاً لي ،، قد لا أستطيع المشي والحركة لكني أستطيع الشعور والإحساس بكل شيء جميل من حولي, رؤية هذه الأراضي الزراعية التي لا نهاية لها أمامي تجلب لي السعادة رغماً عني .. " 
ومنذ ذلك اليوم وبعد هذه المحادثة القصيرة أصبح الجني الصغير صديقاً للطفل وللرياح ..

Hiç yorum yok:

Yorum Gönder